لحاظ الغزالي… العالِمة العراقية التي حملت عبق العمارة إلى آفاق العلم العالمي.
لحاظ الغزالي… العالِمة العراقية التي حملت عبق العمارة إلى آفاق العلم العالمي.
……………………………………………………..
في زمنٍ تتزاحم فيه الأسماء على سُلّم الشهرة، تبقى بعض الأسماء لامعة لأنها نُقشت في سجل الخلود بالعلم والمعرفة. ومن بين تلك الأسماء التي تنتمي إلى العراق، بلد الحضارات والأنبياء، تبرز عالمة من طرازٍ فريد، جمعت بين الأصالة العراقية والطموح العالمي، بين قلبٍ وُلد على ضفاف دجلة والفرات وعقلٍ حلق في فضاءات الجينات والوراثة.
إنها البروفيسورة لحاظ الغزالي، ابنة مدينة العمارة الوادعة، التي نهلت من طيبة أهلها، وتشربت من مائها نقاء الروح، لتصبح واحدة من أبرز علماء الوراثة في العالم العربي، ورمزًا يُجسد أن العراق لا يُنجب سوى العظماء، مهما تباعدت المسافات ومهما تغيّرت الأوطان.
النشأة والبدايات.
وُلدت لحاظ الغزالي في مدينة العمارة، تلك المدينة التي أنجبت المبدعين والمفكرين والفنانين والعلماء. في أزقتها الأولى تفتحت عيناها على الجمال والبساطة، وفي مدارسها الأولى تعلّمت حب الوطن والإصرار على التميز. منذ نعومة أظفارها، كانت مولعة بالعلم، شغوفة باكتشاف أسرار الحياة، وكأنها وُلدت لتفكّ رموز الخلية وتقرأ لغة الجينات.
بعد أن أنهت دراستها الثانوية في العراق، التحقت بكلية الطب في جامعة بغداد لتتخرج منها طبيبة متفوقة. لكن طموحها لم يتوقف عند هذا الحد، فقد شدّت الرحال إلى المملكة المتحدة لتكمل دراستها العليا في طب الأطفال والوراثة السريرية، وتنال زمالات علمية من أعرق المؤسسات الطبية البريطانية، مثل الكلية الملكية للأطباء والكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل
رحلة العطاء العلمي.
انتقلت الغزالي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون إحدى المؤسِسات الرئيسيات لقسم الوراثة في كلية الطب بجامعة الإمارات. هناك، أنشأت برنامجًا متكاملًا لدراسة الأمراض الوراثية النادرة المنتشرة في العالم العربي، وأسهمت في تأسيس مركز الدراسات الوراثية العربية، الذي أصبح مرجعًا علميًا إقليميًا.
نشرت ما يزيد على مئتي بحث علمي في مجلات طبية عالمية مرموقة، واهتمت بدراسة الأمراض الوراثية المتنحية التي تؤثر على الأطفال في المنطقة العربية. تميزت أبحاثها بالدقة والابتكار، وبكونها موجهة لخدمة الإنسان، بعيدًا عن المظاهر الأكاديمية الجافة
الاعتراف الدولي والجوائز.
تُوِّجت مسيرتها عام 2008 بفوزها بـ جائزة لوريال – اليونسكو للنساء في العلوم تقديرًا لإسهاماتها في مجال الجينات، وهي من أرفع الجوائز العلمية التي تُمنح للباحثات المتميزات عالميًا. كما حصلت على جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية، إلى جانب تكريمات من مؤسسات عربية ودولية عديدة.
بهذه الإنجازات، رفعت لحاظ الغزالي اسم العراق عاليًا في المحافل العلمية، لتؤكد أن أبناء الرافدين ما زالوا أمناء على إرث الحضارة والعلم.
آمنت البروفيسورة لحاظ أن العلم رسالة إنسانية قبل أن يكون مهنة. كانت تقول دائمًا إن البحث العلمي لا يكتمل إلا إذا خدم الناس وخفف من معاناتهم. لذا ركزت على بناء جيل عربي من الباحثين الشباب، وسعت إلى نقل خبرتها للطالبات، لتكون قدوة للمرأة العربية في طريق العلم والإبداع.
من العمارة إلى العالم، ومن مقاعد الدراسة البسيطة إلى منصات التكريم الدولية، سارت لحاظ الغزالي بخطى واثقة، تحمل في وجدانها هوية العراق وفي عقلها ضوء المعرفة.
إنها قصة نجاحٍ عراقية مضيئة، تُثبت أن المرأة العربية قادرة على أن تترك بصمتها في أرفع ميادين العلم، وأن من شرب من ماء العمارة لا يمكن إلا أن يفيض عطاءً وخلودًا.
تحية تقدير لهذه العالِمة الجليلة، التي جعلت من اسم العراق مرادفًا للتفوق العلمي، ومن أنوثتها جسرًا بين الحنان والعبقرية، ومن مسيرتها عنوانًا للأمل بأن “المرأة حين تحمل العلم، تُضيء درب الإنسانية كلّها”.
ظهرت المقالة لحاظ الغزالي… العالِمة العراقية التي حملت عبق العمارة إلى آفاق العلم العالمي. أولاً على وكالة الراصد نيوز24.




