د ايمن قاسم :-
تُعد البنية التحتية الرقمية أساس أي عملية تحول رقمي ناجحة، وفي العراق شهدت السنوات الأخيرة خطوات ملموسة في هذا المجال، لكنها لا تزال محدودة مقارنة بما تحقق في دول الجوار. تشير بيانات عام 2025 إلى أن نسبة تغطية شبكات الجيل الرابع (4G) بلغت 100% تقريباً، بينما يغطي الجيل الثالث نحو 99.28% من المناطق، وهو ما يعكس توسعاً كبيراً في خدمات الاتصالات اللاسلكية على مستوى المدن والأرياف.
على صعيد الإنترنت المنزلي، بلغ متوسط سرعة الاتصال حوالي 11.67 ميجابت/ث فقط، وهو معدل متواضع إذا ما قورن بدول مثل الأردن التي تسجل سرعة متوسطة تصل إلى 35 ميجابت/ث، أو السعودية التي تتجاوز سرعتها 95 ميجابت/ث بفضل اعتمادها الواسع على شبكات الألياف الضوئية (FTTH) والاستثمار في تقنيات الجيل الخامس (5G). هذه الفجوة في الجودة تعني أن العراق لا يزال بحاجة ماسة إلى تطوير بنيته التحتية لتعزيز كفاءة الإنترنت المنزلي.
من الناحية الاقتصادية، تشير التوقعات إلى أن عدد الأسر المتصلة بالإنترنت المنزلي في العراق سيصل إلى 6.21 مليون أسرة بحلول نهاية 2025، مقارنة بحوالي 4.9 مليون أسرة في عام 2023. هذا النمو يعكس زيادة الاعتماد على الخدمات الرقمية مثل التعلم الإلكتروني، المنصات الإعلامية، والتجارة عبر الإنترنت.
لكن التحدي الأكبر يكمن في الفجوة بين المدن الكبرى والمناطق الريفية؛ فبينما تتمتع بغداد ومدن إقليم كردستان بخدمات أفضل، تعاني العديد من المحافظات الجنوبية والغربية من ضعف البنية التحتية وضعف الاستثمار في الكابلات الضوئية.
كما أن العراق لم يطلق بعد شبكة الجيل الخامس (5G) على نطاق تجاري، في حين أن السعودية والإمارات سبقاه في ذلك منذ عام 2019، مما منح اقتصادهما الرقمي دفعة قوية في قطاعات مثل إنترنت الأشياء، المدن الذكية، والرعاية الصحية الافتراضية.
إن تطوير البنية التحتية الرقمية في العراق يتطلب رؤية شاملة تستند إلى استثمارات حكومية وخاصة، إلى جانب تحديث التشريعات الخاصة بالاتصالات وحوكمة البيانات. فالمستقبل الرقمي للعراق يعتمد بشكل مباشر على بناء إنترنت منزلي سريع ومستقر، قادر على دعم الابتكار في الاقتصاد الرقمي والتعليم والخدمات الحكومية الذكية.
ظهرت المقالة البنية التحتية الرقمية والإنترنت المنزلي في العراق: تحديات وآفاق أولاً على ارض اشور.
